حوار مع فضائي عن فصل الدين عن الدولة (1): صدمة القادم من الفضاء
لطالما تخيل البشر أنهم وحدهم في هذا الكون الفسيح، لكن ماذا لو أخبرتك أن هناك مخلوقات ذكية راقبتنا من بعيد، ثم قررت أن تحط على كوكبنا لدراستنا؟
هذه ليست قصة خيال علمي، بل هي أقرب إلى الواقع مما تتصور. إنها سلسلة مقالات ستأخذك في رحلة غير تقليدية، حيث نتتبع خطوات كائن فضائي جاء إلى الأرض ليفهم كيف يفكر البشر، وكيف يعيشون، وكيف... يحكمون أنفسهم. ومن حسن أو سوء حظه، وجد نفسه في واحدة من "الدول الإسلامية" الحديثة.
سيكون هذا الفضائي بمثابة المرآة التي تعكس التناقضات التي نعيشها دون أن نشعر. سيسأل الأسئلة التي ربما تجنبنا طرحها على أنفسنا، وسيجعلنا نعيد النظر في المسلَّمات التي نرددها يوميًا.
في كل مرة، سأعرض عليك مشهداً حوارياً غريباً، لكن مألوفًا في الوقت ذاته، بين الفضائي القادم من المجهول وبيني أنا... كاتب هذه المذكرات، المحكوم عليه بالسجن في كوكب الفضائيين بعد سلسلة من النقاشات التي قلبت موازين تفكيري.
والآن، إليك بداية القصة...
هبطت المركبة الفضائية في هدوء لم يشعر به أحد. راقب الفضائي المشهد من الأعلى، ثم قرر أن يتنكر في هيئة بشرية ليتمكن من التجول بين الناس دون أن يثير الشكوك. وفي يومه الأول، كنت أنا أول من التقاه.
اقترب مني وقال بلغة مفهومة: "أعذرني، لكنني لاحظت أنك تفعل أشياء لا أفهمها. فهلا ساعدتني؟"
ابتسمت له وقلت بكل ترحيب: "بالتأكيد."
قال: "لقد رأيتك تدخل دورة المياه في المسجد بقدمك اليسرى، وتخرج منها بقدمك اليمنى. لكن عندما دخلت المسجد، فعلت العكس تمامًا! هل لهذا تفسير منطقي؟"
اندهشت من دقة ملاحظته ولكن شعوري بالفخر غلبني فقلت له بثقة: "بالطبع! هذا من تعاليم الإسلام، فهو دين شامل ينظم كل شيء في حياتنا، من دخول الخلاء إلى آداب المشي والنوم وحتى كيفية ارتداء الملابس."
رفع الفضائي حاجبه الأيسر وقال: "إذا كان الإسلام ينظم كل هذه التفاصيل الصغيرة، فلابد أنه ينظم أيضًا السياسة ونظام الحكم، أليس كذلك؟"
شعرت بحماسة عارمة، وبدأت أعدد له ما في الإسلام من تعاليم تشمل كل نواحي الحياة: الأدعية عند الاستيقاظ وعند النوم، وعند دخول المنزل والخروج منه، وعند الأكل والشرب، وعند ارتداء الثوب، وعند ركوب الدواب والسيارات، بل حتى عند استخدام الدرج صعودًا وهبوطًا!
ظل الفضائي يستمع بانبهار، ثم قال في نفسه: "لن يكون احتلال هذا الكوكب سهلًا ما دام هذا الدين يحكمهم!"
لكن لحظة...
بدا عليه بعض الشك، فسألني مجددًا: "وماذا عن السياسة؟ هل يحكمكم الإسلام؟"
وهنا... تغيرت ملامحي، وأجبته بنبرة حازمة: "لا دين في السياسة، ولا سياسة في الدين!"
نظر إليّ بدهشة، وقال بحذر: "كيف ذلك؟ ألم تقل إن الإسلام يشمل كل شيء؟ أليس الحكم وتنظيم المجتمع من أهم جوانب الحياة؟"
ارتبكت للحظات، ثم قلت له بكل ثقة: "الدين في القلوب، والله مطلع عليها. المهم أن نصلي ونصوم ونحج، وهذا يكفي."
ابتسم الفضائي ابتسامة شيطانية وقال: "إذن، هل تقبلون أن يحكمكم سكان كواكب أخرى، طالما أنهم يتركون لكم حرية الصلاة والصيام؟"
ترددت للحظة، ثم قلت دون تفكير: "إذا كان الحاكم متغلبًا، فلا
مانع شرعي في ذلك." 😁
عندها، أطلق الفضائي صرخة مدوية ارتج لها الكون بأسره، صرخة فهمت منها أنني قد قلت شيئًا كارثيًا. صرخة ما زلت أسمع صداها حتى اللحظة، وأنا أكتب إليكم هذه المذكرات من داخل زنزانتي في كوكب الفضائيين...
ترقبوا في المقال القادم: لماذا اعتبر الفضائي أنني أشكل خطرًا على كوكبه؟ وما الذي اكتشفته في زنزانتي؟
Comments
Post a Comment