سلسلة دروس وعبر من السيرة النبوية الشريفة (10): بدء الدعوة الجهرية ومرحلة الإيذاء

 

الحقائق التاريخية:

مع بدء الدعوة الجهرية ابتدأت مرحلة الإيذاء للمؤمنين الجدد ولرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد هال المشركون أن يسفه الرسول أحلامهم ويعيب آلهتهم ويأتيهم بدين جديد يدعوا إلى إله واحد لا تدركه العيون و الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير.

الدروس المستفادة:

أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فاجأ العرب بما لم يكونوا يألفونه وقد استنكروا دعوته أشد الاستنكار وكان كل همهم القضاء عليه وعلى أصحابه فكان ذلك ردا تاريخيا على بعض دعاة القومية الذين زعموا أن محمدا عليه الصلاة والسلام إنما كان يمثل في رسالته آمال العرب ومطامحهم حينذاك.

وللقومية عيوب كثيرة هدفها التفريق بين نسيج الأمة الواحد وجعلنا دولاً صغيرة لا تقدر على الدفاع عن أنفسها ضد عدوان الاستعمار والدول الكبرى فها هي أوروبا رغم اختلاف ألسنتهم يتحدون معا ويؤلفون الحلف تلو الآخر ولكن عملوا جاهدين على عدم إتاحة مثل هذه الفرصة للعرب الذين يتحدثون لغة واحدة ويدينون بدين واحد.

فرق تسد كانت ومازالت وستظل أحد أقوى الاستراتيجيات التي يستخدمها العدو ضدنا فلنتذكر أن رسالة الإسلام رسالة للعالمين وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين قال تعالى:"ولكن رسول الله وخاتم النبيين" سورة الأحزاب الآية 40

أحدث الدراسات:

دراسة حول القومية والتفكك السياسي:

إنّ القومية المتطرفة أدت إلى تفكك العديد من المجتمعات، حيث عززت الفروقات الثقافية والعرقية بدلًا من التفاهم والوحدة. الدراسة أكدت أن العالم العربي يعاني بشكل خاص من تأثيرات القومية التي تسهم في إضعاف التضامن الإقليمي.

استراتيجية "فرق تسد" وتأثيرها التاريخي:

استراتيجية "فرق تسد" لها جذور تاريخية تمتد إلى الإمبراطوريات القديمة مثل الرومانية والبريطانية، حيث كانت تُستخدم لتقسيم المجتمعات وضمان السيطرة عليها. دراسة نُشرت في مجلة Historical Studies Quarterly عام 2020 بعنوان Divide and Rule in Colonial Empires ناقشت كيف استخدمت الإمبراطوريات الاستعمارية هذه الاستراتيجية لتقسيم الشعوب المستعمَرة عرقيًا أو دينيًا، مما سهل الهيمنة عليها. كما أوضح تقرير صادر عن جامعة هارفارد عام 2021 بعنوان Power Through Division أن القوى العالمية لا تزال تعتمد على هذه الاستراتيجية لضمان تفوقها السياسي والاقتصادي في المناطق التي تشهد صراعات داخلية.

الإسلام كرؤية عالمية موحِّدة:

مفهوم الوحدة في الإسلام يبرز كبديل للتيارات القومية الضيقة التي غالبًا ما تؤدي إلى التفكك والضعف. دراسة منشورة في مجلة Islamic Studies Today عام 2022 بعنوان Islamic Unity in a Divided World استعرضت كيف تقدم رسالة الإسلام رؤية تتجاوز الانقسامات العرقية واللغوية، حيث تقوم على أساس الأخوة الإيمانية والمساواة بين البشر. وناقشت الدراسة كيف يمكن للنموذج الإسلامي أن يعالج تحديات العصر الحديث مثل التمييز العنصري والنزاعات القومية، مشيرة إلى نجاحات تاريخية مثل دولة المدينة التي وحدت شعوبًا مختلفة تحت راية الإسلام.

الخاتمة: 

الإيذاء الذي واجهه النبي ﷺ وأصحابه في بداية الدعوة كان شاهدًا على عظمة الرسالة وصدقها. لقد واجهوا الاضطهاد لأن الإسلام لم يكن يمثل طموحات العرب فقط بل جاء برسالة عالمية تدعو للوحدة والتآخي بين الشعوب. القومية، رغم جاذبيتها في بعض السياقات، كانت ولا تزال أحد الأسباب الرئيسية لتفكك الأمة وإضعافها. علينا أن نستلهم من هذه الدروس رؤية توحدنا لا تفرقنا، ونذكر دائمًا أن الإسلام هو الرابطة الأقوى التي جمعت الشعوب تحت مظلة واحدة.