سلسلة دروس وعبر من السيرة النبوية الشريفة (12): المقاطعة ـ الباطل لا يستسلم بسهولة

 

الحقائق التاريخية:

رغبت قريش في أن تنال من الرسول فحماه عمه أبو طالب وامتنع عن تسليمه لهم، بعدها قام المشركون بمقاطعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبني هاشم وبني المطلب أن لا يبايعوهم ولا يناكحوهم ولا يخالطوهم ولا يقبلوا منهم صلحاً أبداً واستمرت المقاطعة ثلاث سنوات على الأرجح لقي فيها الرسول ومن معه في هذه المقاطعة جهداً شديداً.

الدروس المستفادة:

أنّ المبطلين لا يستسلمون أمام أهل الحق بسهولة ويسر، فهم كلما أخفقت لهم وسيلة من وسائل المقاومة والقضاء على دعوة الحق ابتكروا وسائل أخرى وهكذا حتى ينتصر الحق انتصاره النهائي ويلفظ الباطل أنفاسه الأخيرة.

ومن الدروس أيضا أنّ في قول الرسول صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب "والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك دونه، ما تركته" وفي رفضه ما عرضته عليه قريش من مال ومُلك دليل على صدقه في دعوى الرسالة.

كذلك ينبغي على الداعية أو المصلح أن يكون مصمّما على الاستمرار في دعوته مهما تألّب عليه المبطلون، معرضا عن إغراءاتهم بالجاه والمنصب، فالمتاعب في سبيل الحق لدى المؤمنين راحة لضمائرهم وقلوبهم وأحد الأبحاث التي صدرت مؤخرا يشير إلى أن نسبة من الجماعات الإسلامية والحركات التغييرية تنتهي بعد أن يقبل مؤسسوها بالانخراط داخل العمل السياسي والتي تكون قواعد اللعبة فيه بأيدي خصومهم مما يكون سببا في إفشال دعواتهم وحركتهم ضد التغيير.

أحدث الدراسات:

تشير الدراسات إلى أن المبطلين لا يستسلمون بسهولة أمام دعاة الحق، بل يبتكرون وسائل متعددة لمقاومة الدعوات الإصلاحية. على سبيل المثال، يوضح الشيخ محمد عبده أن المصارعة بين الحق والباطل "سنة من سنن الاجتماع البشري".

فيما يتعلق بالحركات الإسلامية، تشير دراسة صادرة عن مؤسسة كارنيغي إلى أن هذه الحركات تواجه تحديات كبيرة عند مشاركتها في العمل السياسي، حيث غالبًا ما تخفق في التأثير على السياسات وتتعرض للنقد من قواعدها بسبب ما يُ perceived as تخليها عن التزاماتها الدينية.

خاتمة:

 تُظهر هذه الدراسات أن دعاة الحق يواجهون مقاومة مستمرة من المبطلين، الذين يبتكرون وسائل متعددة لإحباط الدعوات الإصلاحية. كما أن مشاركة الحركات الإسلامية في العمل السياسي قد تؤدي إلى تحديات تؤثر على مصداقيتها وفعاليتها. لذلك، يجب على الدعاة والمصلحين التحلي بالثبات والإخلاص في دعوتهم، وتجنب الانخراط في مسارات قد تؤدي إلى إضعاف رسالتهم أو تشتيت جهودهم.