سلسلة دروس وعبر من السيرة النبوية الشريفة (18): معجزة الإسراء والمعراج وقضية المسجد الأقصى
الحقائق التاريخية:
وقعت معجزة الإسراء والمعراج وقد اختلف في تاريخ وقوعها والمؤكد أنها وقعت قبل الهجرة في السنة العاشرة من بعثته ﷺ أو بعدها، والصحيح الذي عليه جماهير العلماء أنهما وقعا في ليلة واحدة يقظة بالجسد والروح.
أُسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به إلى السماوات العلى، ثم عاد إلى بيته في مكة تلك الليلة، وأخبر قريشاً بأمر المعجزة، فهزئت وسخرت، وصدقه أبو بكر وأقوياء الإيمان.
الدروس المستفادة:
في معجزة الإسراء والمعراج أسرار كثيرة أهمها في الوقت الحالي ربط قضية المسجد الأقصى وما حوله ـ فلسطين ـ بقضية العالم الإسلامي إذ أصبحت مكة بعد بعثة الرسول ﷺ مركز تجمع العالم الإسلامي ووحدة أهدافه، وأن الدفاع عن فلسطين دفاع عن الإسلام نفسه، يجب أن يقوم به كل مسلم في شتى أنحاء الأرض، والتفريط في الدفاع عنها وتحريرها، تفريط في جنب الإسلام، وجناية يعاقب الله عليها كل مؤمن بالله ورسوله.
أحدث الدراسات:
بعض الأبحاث المتعلقة بالدور الرمزي للمواقع المقدسة في تشكيل الهوية الجماعية تسلط الضوء على قوة الارتباط بين الأماكن والوجدان الديني. تُظهر الدراسات في مجال علم الاجتماع أن الأماكن ذات القيمة الروحية تصبح رموزًا مركزية للوحدة الجماعية، وتساهم في تحديد أولويات المجتمعات وطرق استجابتهم للأزمات.
في حالة المسجد الأقصى، تشير هذه الفرضيات إلى أن ربطه بمعجزة الإسراء والمعراج يعزز مكانته كجزء من هوية المسلمين الدينية والثقافية، مما يجعله أكثر من مجرد موقع تاريخي. إنه رمز للوحدة الإسلامية والعمل الجماعي.
علاوة على ذلك، تُظهر الأبحاث السياسية الحديثة أهمية القضايا المقدسة في تحفيز الحركات الاجتماعية والسياسية. وفقًا لنظرية الحركات الاجتماعية، فإن القضية الفلسطينية قد استُخدمت كحافز لتعزيز التعاون الإسلامي وحشد الجهود المشتركة بين مختلف الشعوب الإسلامية.
خاتمة:
تمثل معجزة الإسراء والمعراج أبعادًا روحية وأخلاقية وسياسية متشابكة، ويظل المسجد الأقصى في قلب تلك الأبعاد، ليس فقط كموقع تاريخي بل كرمز لوحدة المسلمين ومسؤوليتهم تجاه قضاياهم المشتركة. الدفاع عن المسجد الأقصى ليس مجرد واجب ديني، بل تعبير عن الالتزام بالقيم الإسلامية التي تُعلي من شأن العدل والتضامن. هذه القيم تتطلب من المسلمين في كل مكان أن يدركوا أهمية المسجد الأقصى ليس فقط في الماضي ولكن في الحاضر والمستقبل، وأن يسعوا لحمايته كجزء من هويتهم وواجبهم نحو دينهم وأمتهم.
Comments
Post a Comment