سلسلة دروس وعبر من السيرة النبوية الشريفة (24): هجرة النبي ﷺ ـ دورعبدالله بن أُريقط

 

الحقائق التاريخية:

كان أبو بكر قد هيّأ من قبل راحلتين له وللرسول ﷺ فعزما على الخروج واستأجر أبو بكر عبدَالله بن أريقط، وكان مشركاً، ليدلّهما على طريق المدينة، على أن يتجنب الطريق المعروفة إلى طريق أخرى لا يهتدي إليها كفار قريش.

الدروس المستفادة:

التخطيط والاستعداد الجيد: يُظهر تهيئة أبي بكر الصديق رضي الله عنه للراحلتين قبل موعد الهجرة بأيام أهمية الاستعداد المسبق، إذ أنّ التخطيط الجيد هو أساس نجاح أي مهمة، مهما كانت التحديات.

الاستعانة بالخبرات مهما كان مصدرها: استئجار عبد الله بن أريقط، وهو مشرك، ليدلّهم على الطريق إلى المدينة، يعكس أهمية الكفاءة والخبرة في تحقيق الأهداف، بغض النظر عن الاختلافات الأيديولوجية أو العقائدية.

التفكير الاستراتيجي: اختيار طريق غير مألوف وغير معروف لتجنب كفار قريش يدلّ على التفكير الاستراتيجي والقدرة على التكيف مع الظروف، وهو ما يُعدّ من أبرز سمات القيادة الحكيمة.

التوكل المقترن بالأخذ بالأسباب: مع أن النبي ﷺ كان متوكلاً على الله، إلا أنه أخذ بجميع الأسباب الممكنة لضمان نجاح الهجرة، مما يبين أن التوكل لا يعني إغفال العمل الجاد والتخطيط.

أحدث الدراسات:

تشير الدراسات الحديثة في مجال الإدارة والتخطيط إلى أنّ التخطيط المسبق واستغلال الخبرات المختلفة يرفعان من فرص تحقيق النجاح في أي مشروع. على سبيل المثال، البحوث في علوم القيادة تؤكد أنّ القائد الناجح هو من يجمع بين الكفاءة الداخلية والاستفادة من الخبرات الخارجية لتحقيق أهدافه.

كما أنّ الدراسات السلوكية تُظهر أنّ استخدام الطرق غير التقليدية للتعامل مع المشكلات يعزز من فرص النجاح، خاصة في البيئات التنافسية أو العدائية. التفكير خارج الصندوق، كما فعل النبي ﷺ وأبو بكر في اختيار الطريق غير المعروف، يعدّ من أساسيات الإبداع في حل المشكلات.

وفي علم النفس، يُعتبر التوكل المقترن بالأخذ بالأسباب أحد أهم العوامل التي تعزز من المرونة النفسية والقوة الشخصية، إذ يجمع بين الإيمان بالنجاح والعمل لتحقيقه.

الخاتمة:

تُظهر أحداث الهجرة النبوية أنّ النجاح في الدعوات الكبرى يتطلب تخطيطاً دقيقاً واستفادة من كافة الموارد المتاحة، دون التردد في الاستعانة بأصحاب الخبرات والكفاءات، بغض النظر عن الاختلافات. كما تُبرز أهمية التوكل على الله مقروناً بالأخذ بالأسباب، وهو ما يقدّم نموذجاً عملياً للمسلمين في مواجهة التحديات وتحقيق الأهداف النبيلة في كل زمان ومكان.