سلسلة دروس وعبر من السيرة النبوية الشريفة (31): أهداف الإسلام من إباحة القتال

 

الحقائق التاريخية:

بلغ عدد غزوات الرسول ﷺ 26 غزوة، أشهرها بدر وأحد والأحزاب وخيبر وحنين. أما السرايا، فقد بلغت 38 سرية، مثل سرية عبدالله بن جحش وسرية أبي عبيدة بن الجراح. كانت الغزوات والسرايا جزءًا من سياسة متوازنة تهدف إلى حماية الدولة الإسلامية الناشئة، وردع العدوان، وتأمين سلامة الدعوة الإسلامية ونشرها.

تُظهر هذه المعارك تنظيمًا استراتيجيًا عسكريًا متميزًا في ذلك العصر، حيث اعتمد النبي ﷺ على التخطيط الدقيق، والاستشارة، واختيار القادة الأكفاء. كما جسدت هذه الغزوات والسرايا قيمًا أخلاقية رفيعة، مثل الالتزام بالعهود وتجنب إيذاء المدنيين.

الدروس المستفادة:

من النتائج المترتبة على انتصار المؤمنين في القتال المشروع، والتي ليست استعمار الشعوب، ولا أكل خيراتها، ولا انتهاب ثرواتها، ولا إذلال كراماتها، وإنما هي نتائج في مصلحة الإنسانية ولفوائد المجتمعات، فهي مجتمعة في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾

لنشر السمو الروحي في العالم عن طريق العبادة "أقاموا الصلاة".

لنشر العدالة الاجتماعية بين الشعوب عن طريق الزكاة "وآتوا الزكاة".

لتحقيق التعاون على خير المجتمع وكرامته ورقيّه "وأمروا بالمعروف".

للتعاون على مكافحة الشر والجريمة والفساد "ونهوا عن المنكر".

أحدث الدراسات:

أظهرت دراسة نُشرت في مجلة القيم الإسلامية العالمية عام 2020 أن المبادئ الأخلاقية التي تبناها الرسول ﷺ في الحروب مثل تجنب الاعتداء، والتعامل الإنساني مع الأسرى، والحرص على حماية المدنيين، كانت غير مسبوقة في ذلك العصر. أكدت الدراسة أن هذه القيم قدمت نموذجًا متقدماً للقانون الإنساني الدولي المعاصر.

كما نشرت مجلة التاريخ الحضاري عام 2018 بحثًا يوضح كيف أن الإسلام لم يجعل الحروب غاية بل وسيلة لحماية المستضعفين ونشر العدل. أشار الباحثون إلى أن الإسلام يركز على البناء الاجتماعي والروحي بعد الحروب، مما يعزز استقرار المجتمعات وتطورها.

الخاتمة:

كانت غزوات النبي ﷺ وسراياه تجسيدًا عمليًا للشريعة الإسلامية في السلم والحرب، حيث جمعت بين الحماية والدعوة، وبين القوة والرحمة. يظهر لنا تاريخ الإسلام كيف أن الحروب في الإسلام ليست إلا وسيلة لتحقيق أهداف سامية ترتبط بنشر العدل والسلام والكرامة.