سلسلة دروس وعبر من السيرة النبوية الشريفة (6): الاستقامة في الشباب
الحقائق التاريخية:
لم يشارك عليه الصلاة والسلام أقرانه من شباب مكة في لهوهم ولا عبثهم وقد عصمه الله من ذلك. فقد استفاض في كتب السيرة أنه سمع وهو في سن الشباب غناء من إحدى دور مكة في حفلة عرس فأراد أن يشهدها فألقى الله عليه النوم فما أيقظه إلا حر الشمس.
ولم يشارك قومه في عبادة الأوثان ولا أكل شيئا مما ذبح لها ولم يشرب خمرا ولا لعب قمارا ولا عرف عنه فحش في القول أو هجر في الكلام.
الدروس المستفادة:
إن استقامة الداعية في شبابه وحسن سيرته أدعى إلى نجاحه في الدعوة إلى الله وإصلاح الأخلاق ومحاربة المنكرات إذ لا يجد في الناس من يغمزه في سلوكه الشخصي قبل قيامه بالدعوة.
الداعية المستقيم في شبابه، يظل مرفوع الرأس ناصع الجبين، لا يجد أعداء الإصلاح سبيلا إلى غمزه بماض قريب أو بعيد، ولا يتخذون من هذا الماضي المنحرف فرصة للتشهير به، ودعوة الناس إلى الاستخفاف بشأنه.
نعم إن الله يقبل توبة التائب المقبل عليه بصدق وإخلاص ويمحو بحسناته الحاضرة سيئاته المنصرمة ولكن هذا شيء غير الداعية الذي ينتظر لدعوته النجاح إذا استقامت سيرته وحسنت سمعته.
أحدث الدراسات:
الاستقامة في الشباب وأثرها على المصداقية القيادية:
إن الشباب الذين يلتزمون بمعايير أخلاقية رفيعة ويبتعدون عن الممارسات السلبية يبنون سمعة موثوقة منذ الصغر، ما يجعلهم أكثر قبولًا كقادة في مجتمعاتهم لاحقًا. هذا يتماشى مع حياة النبي ﷺ، حيث كانت استقامته المطلقة منذ شبابه دافعًا لاعتراف قريش به كـ"الصادق الأمين"، مما عزز مكانته قبل البعثة.
السلوك القويم وتأثيره على الثقة الاجتماعية:
إنّ الأفراد الذين يتسمون بالسلوك المستقيم والشرف في تعاملاتهم الشخصية يصبحون أكثر تأثيرًا في محيطهم الاجتماعي. وهذا يبرز أهمية تجنب الانحرافات الأخلاقية في المراحل الأولى من الحياة، مثلما فعل النبي ﷺ الذي لم يشارك في أي ممارسات منافية للأخلاق، مما جعله قدوة في النزاهة والخلق.
الخاتمة:
يُبرز هذا الدرس أن استقامة الداعية في شبابه تُعتبر حجر الأساس لنجاحه في دعوته وإصلاحه للمجتمع. الماضي النقي يجعل الداعية بمنأى عن انتقادات أعداء الإصلاح ويزيد من مصداقيته أمام الناس. في عالم اليوم، حيث تنتشر الشبهات والانحرافات، فإن الاستقامة تُعد أكثر أهمية لبناء قادة قادرين على التغيير الإيجابي في مجتمعاتهم.
Comments
Post a Comment