في ضيافة المجهول: رحلة فلسفية مع كائن فضائي (11) — الصدفة ونشأة الكون
جلسنا في حديقة المنزل تحت سماء مرصعة بالنجوم، بينما كان الكائن الفضائي يتأمل الفضاء الشاسع بعينيه الغريبتين المتوهجتين. قطع الصمت قائلاً:
"ما المانع أن يكون الكون قد نشأ بمحض الصدفة؟ ألا تعتقد أن مثل هذا الاحتمال وارد؟"
ابتسمت بسخرية خفيفة وقلت:
"صدفة؟ هذا هو التفسير العظيم الذي تراهن عليه؟ دعنا نناقش الأمر بجدية."
اقترب ببطء، كما لو كان يستعد لهجوم فكري:
"لماذا لا؟ الصدفة تفسر العديد من الظواهر. قد تكون مجرد حدث عشوائي في بحر لا نهائي من الاحتمالات."
أجبته بهدوء:
"هذا الافتراض يبدو جذابًا لأنه بسيط، لكن المشكلة تكمن في عمقه السطحي. الصدفة ليست كيانًا له إرادة لتُحدث الأشياء. الصدفة تحتاج إلى شرطين أساسيين: الزمان والمكان. لا يمكنك الحديث عن حدث عشوائي دون إطار زمني يُحدث فيه، أو بيئة مكانية يقع فيها. والكون كما برهنّا سابقا قد أتى من اللازمان واللامكان، وبالتالي من اللاصدفة."
رفع حاجبه، كما لو كان يتحدى منطقه الخاص:
"ولكن ماذا لو كانت الصدفة تتجاوز هذه القيود؟ ربما هناك نوع من 'الصدفة الكونية' يعمل خارج حدود الزمان والمكان."
أجبت:
"حتى لو افترضنا وجود شيء كهذا، كيف تفسر الضبط الدقيق الذي بدأ به الكون؟ الثوابت الفيزيائية الدقيقة، القوانين المعقدة التي تحكم المادة والطاقة. هل تعتقد أن كل هذا جاء بمحض المصادفة؟ هذه ليست عملة نقذفها في الهواء لنحصل على صورة أو كتابة. هذا أشبه بقذف عملة والحصول على نفس النتيجة مليار مرة متتالية، مع العلم أن أي انحراف بسيط سيؤدي إلى انهيار النظام بالكامل."
صمت قليلًا، ثم قال:
"ربما كان الكون مجرد نتيجة واحدة من بين عدد لا نهائي من المحاولات. مثل رمية نرد تتكرر حتى تظهر النتيجة المطلوبة."
ضحكت:
"لكن من أين أتى هذا النرد؟ ومن يقوم برميه؟ وحتى لو افترضنا وجود عدد لا نهائي من المحاولات، فهذه المحاولات تحتاج إلى إطار زمني وسياق مكاني، ونحن نتحدث عن بداية الزمان والمكان. الصدفة لا تستطيع أن تفسر وجودهما، لأنها تفترض وجودهما مسبقًا."
تأمل كلماتي بعناية، ثم همس:
"إذا كان الأمر كذلك، فإن فكرة الصدفة تنهار من أساسها."
أجبته:
"بالضبط. الكون ليس مجرد فوضى عشوائية أنتجت نظامًا. إنه نظام دقيق يستدعي تفسيرًا يتجاوز فكرة الاحتمالات العمياء. الصدفة ليست سوى غطاء لجهل من لا يريد أن يعترف بأن هناك عقلًا وراء هذا الإبداع."
ظل صامتًا، ينظر إلى النجوم كما لو كان يبحث عن إجابة أخرى، لكنني كنت أعلم أن البذرة قد زُرعت.
تم الاستفادة في هذه السلسلة من كتاب بصائر، تأليف د. هيثم طلعت، لمن أراد التوسع في هذا الموضوع.
Comments
Post a Comment