حوار مع فضائي عن فصل الدين عن الدولة (13): من يحكم العالم حقًا؟ حوار يكشف وهم السيادة البشرية (الجزء الأول)
في ظلمة الزنزانة الفضائية، ترددت أصداء خطوات الكائن الفضائي وهو يقترب مني مجددًا. كان صمته هذه المرة أثقل من أي سؤالٍ طرحه من قبل. وقف أمامي، عاقدًا ذراعيه، قبل أن ينطق بصوته الحاد:
"من يحكم العالم حقًا؟"
ابتسمت بسخرية، محاولًا إخفاء ارتباكي، وقلت:
"الحكام، الرؤساء، والبرلمانات، بالطبع. البشر يحكمون العالم."
هز رأسه ببطء، كأنه يتوقع هذه الإجابة. اقترب أكثر حتى انعكست عينيه الغريبتين في وهج الضوء الخافت:
"وهل تعتقد أن هؤلاء يملكون حق التشريع لأنهم أذكى؟ أم لأنهم أقوى؟ أم لأنهم فقط فازوا في لعبة السلطة؟"
تلعثمت، لكنني حاولت الدفاع عن قناعتي:
"هم يمثلون إرادة الشعب. الديمقراطية تمنح الناس حرية اختيار من يحكمهم."
ضحك الكائن ضحكة خفيفة، لكنها لم تكن ساخرة بل كمن يستعد لكشف خدعة:
"حرية؟ أم وهم الحرية؟ قوانين تتغير بتغير المزاج السياسي، وحقوق تُمنح يومًا وتُسلب في اليوم التالي. هل يمكن اعتبار هذا عدلًا؟ أم هو مجرد تقلب أهواء بشرية؟"
شعرت بوخز كلماته في أعماقي. حاولت المقاومة:
"لكن البشر يتعلمون من أخطائهم، ويطورون قوانينهم لتحقيق العدالة."
اقترب أكثر، صوته أصبح أكثر حدة:
"وهل العدالة نسبية؟ هل يمكن أن تكون صحيحة اليوم وخاطئة غدًا؟ في نظامك، يُسمح لقوة الأغلبية بفرض رؤيتها، حتى لو دهست حقوق الأقلية. أما في الإسلام، فالسيادة لله. قوانينه لا تتغير بتغير الحكام أو الظروف. أليست هذه العدالة الحقيقية؟"
صمتُّ. الكلمات عالقة في حلقي. شعرت أنني أُحاصر بحقائق لم أرغب في مواجهتها.
أدار ظهره قبل أن يغادر، تاركًا صوته يتردد في أرجاء الزنزانة:
"فكر مليًا: من يحكم العالم حقًا؟ البشر؟"
Comments
Post a Comment