حوار مع فضائي عن فصل الدين عن الدولة (3): السفر عبر الزمن حقيقة أم خيال؟
منذ أن غادرني ذلك الكائن الفضائي، وأنا أعصر ذهني محاولًا الإجابة على سؤاله الأخير قبل أن يعود لزيارتي في هذه الزنزانة الكئيبة:
هل نحن حقًا نفصل الدين عن الدولة لأن الإسلام يفرض ذلك؟ أم أننا نكرر ما زرعه فينا الاستعمار والثقافات الوافدة؟
وأثناء انشغالي، ظهر كائن آخر أمامي فجأة وكأنه انبثق من العدم. سألني إن كنت أحتاج إلى شيء غير الطعام والشراب الذي قدموه لي سابقًا، فطلبت الإذن بالوضوء للصلاة. لم تمضِ لحظات حتى أحضر دلوًا فيه ماء وسجادة كتب عليها بحروف عربية كبيرة "صنع في الصين". 😁
افترشتها وتوضأت، ولكنني كنت في حيرة؛ فلا شمس هنا، ولا أدري كم من الوقت مضى منذ جئت إلى هذا الكوكب. فقررت أن أصلي ما شاء الله لي وبينما أنا كذلك إذ سمعت صوت الكائن يتردد في ذهني:
"هل ستظل تصلي ما بقي لك من العمر، أم أنك جاهز لتجربة السفر عبر الزمن؟"
شعرت بالخوف في البداية. ليس فقط لقدرته على التخاطر ولكن بسبب السؤال التالي: ماذا لو ضاع بنا الزمن ولم أتمكن من تحديد وجهتنا بدقة؟
لم أكن أدرك قبلها مدى أهمية دراسة السيرة النبوية بوقائعها وتواريخها، فلم أتصور يومًا أن أحتاج إلى السفر عبر الزمن إلى بداية عصر الإسلام. حينها، عزمت إن عدت سالمًا إلى وطني أن أعكف على دراسة السيرة كما وصفها علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب حين قال: "كُنَّا نُعلَّم مغازي النبي ﷺ وسراياه كما نُعلَّم السورة من القرآن".
بدأت أراجع ما أتذكره من السيرة، محاولًا التأكد من الزمن الذي يجب أن نصل إليه. ولِدَ النبي ﷺ في عام الفيل، الموافق لعام 571 ميلاديًا، وبُعث في سن الأربعين. مما يعني أن بعثته ﷺ كانت في حدود عام 610 ميلاديًا. حينها تنفست الصعداء، وشعرت بالثقة أننا سنصل إلى وجهتنا بدقة.
لكن، هل ستعمل آلتهم بكفاءة؟ أم أن هذا سيكون آخر ما أكتبه إليكم؟ 😢
أفقت من أفكاري على صوت الكائن، وهو يسألني بنبرة ساخرة:
"هل انتهيت من حساباتك الدقيقة؟"
أحسست بالرعب من قدرته على قراءة أفكاري، لكنني تمالكت نفسي وأجبته بثقة:
"نعم، وأنا مستعد للرحلة."
نظر إلي باستغراب، ثم ما لبث أن هز رأسه وسألني سؤالًا غريبًا لم أفهمه في البداية، فطلبت منه أن يعيده فقال بصوت عال:
"لماذا تؤمن بإمكانية السفر عبر الزمن وكأنها من المُسلَّمات في كوكبك؟ هل قمتَ بالسفر عبر الزمن من قبل؟ "
صمتُّ لحظات لم أدرِ مداها. لم أجد جوابًا مقنعًا. في النهاية، ابتسم الكائن الفضائي وقال:
"هكذا أنتم أيها الأرضيون، يسهل خداعكم."
حاولت أن أدافع عن موقفي، لكنه واصل كلامه:
"لقد رأيتُ الانبهار في عينيك منذ وصولك. وبما أنه من الواضح أننا نملك من التكنولوجيا ما لا تملكونه، فقد افترضتَ تلقائيًا أننا نستطيع فعل أي شيء، وأنّ كل ما أقوله صحيح تمامًا دون أن تحتاجَ لدليل. أليس كذلك؟"
شعرت بغصة في حلقي ولم أستطع الرد.
نظر إليَّ متفحصًا، ثم قال بصوت هادئ:
"يوماً ما ستدرك أن سجن أفكارك أسوأ بكثير من هذه الزنزانة التي تراها كئيبة. لقد تلاعب بك أناس مثلك لا يملكون سلطة على عقلك، ولا يستطيعون تغيير معتقداتك وأفكارك ما لم تأذن لهم بذلك. وها أنت ذا تُسلّمني مفاتيح عقلك بسهولة، وتقتنع بفكرة يراها جُلّ قومك ضربًا من الخيال، فقط لأنني أملك تقنية لم ترها من قبل."
ثم صمتَ لحظة قبل أن يقول:
"والآن، فكر بنفسك. انسَ ما علموك إياه من قبل. استخدم عقلك الذي وهبك الله إياه وفضّلك به على سائر المخلوقات في عالمك، كما تؤمن أنت. هل تؤمن حقًا بإمكانية السفر عبر الزمن؟"
ترقبوا في المقال القادم:
ما الذي جعلني أؤمن بإمكانية السفر عبر الزمن؟ وهل هناك في الإسلام ما يؤكد أو ينفي هذه الفكرة؟ وكيف واجهت الكائن الفضائي بردّ لم يكن يتوقعه؟
Comments
Post a Comment