فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ (10): مقدمة قبل الانتقال إلى مواجهة أهل الباطل

 

سلسلة فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ

بعد استعراض الآيات السبع الأولى من سورة المدثر، التي تناولت إعداد النبي صلى الله عليه وسلم لمواجهة الباطل والدعوة إلى الإسلام، تأتي مجموعة من الآيات التي تستكمل الصورة القرآنية للإعداد النفسي والروحي للنبي صلى الله عليه وسلم، وترسم ملامح مرحلة جديدة في مواجهة الدعوة للتحديات الخارجية.

في الآيات 8  و 9 و 10 يقول الله تعالى:

{فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ *  فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ}

هنا تأتي مشاهد القيامة بكل هيبتها ورهبتها، حيث يُنفخ في الصور إعلانًا ببدء الحساب والجزاء. إنه يوم عسيرٌ على المكذبين، الذين أعرضوا عن دعوة الحق واستهزؤوا بها. هذا التذكير بيوم القيامة يأتي في سياق إعداد النبي صلى الله عليه وسلم لتحمل الصبر على أذى الكافرين، ولإعداد المؤمنين للدعوة، مهما واجهتهم من صدود وجحود.

هذه الآيات تُنذر المكذّبين بأنّهم مهما أظهروا من قوة وسطوة في الدنيا، فإنهم أمام مشهد القيامة في عجز مطلق. كما أنّها تزرع في قلب الداعية الطمأنينة، لأن الحق غالب ولو بعد حين، ولأن مصير أهل الباطل مهما تجبروا هو الهلاك والخذلان.

ومع الوصول إلى الآية 11  تبدأ المواجهة المباشرة مع أهل الباطل وأساليبهم، ليظهر لنا المنهج القرآني في كشف زيفهم وخداعهم، وهو ما سنستعرضه بتفصيل مع ربطه بواقعنا المعاصر، حيث تتكرر نفس الأساليب بأشكال وأقنعة جديدة، لكن الروح العدائية للحق والدعوة إلى الله تبقى كما هي.

ننتقل الآن إلى الآيات التي تصف زعماء الباطل في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، ونلقي الضوء على صورهم المعاصرة التي لا تختلف كثيرًا عن تلك الوجوه المستكبرة، رغم تطور الزمن وتغير الوجوه.

Comments

Popular posts from this blog

حوار مع فضائي عن فصل الدين عن الدولة (1): صدمة القادم من الفضاء

الإسلام والبيئة (1): رسالة من المستقبل

حوار مع فضائي عن فصل الدين عن الدولة (2): الزنزانة الزرقاء وبداية الرحلة عبر تاريخ الإسلام