فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ (13): قوة الباطل وزخرف الحياة الدنيا
قال الله تعالى: {وَبَنِينَ شُهُودًا}
يُكمل الله تعالى تعداد نعمه على الوليد بن المغيرة، فيذكر الأبناء الذين يشهدون مجالسه ويحضرون معه المحافل، بما يدل على مكانته الاجتماعية العالية وقوته العائلية. الأبناء الشهود هم عنوان الفخر والاعتزاز لدى العرب، ومظهر للقوة والعزوة.
لطائف التفسير وإعداد الداعية:
- {وَبَنِينَ شُهُودًا}: فيها إشارة إلى أن الوليد بن المغيرة كان يرى في أبنائه قوة وسندًا، ولكنه نسي أنّ هذه القوة والعدد هبة من الله، وأنها يمكن أن تتحول إلى ضعف ووبال عليه.
- هذه الآية تُعلم الدعاة أنّ أهل الباطل، مهما كثرت ذريتهم واتسعت عوائلهم، لن ينفعهم ذلك إذا لم يكن على الحق، وأنّ الاتكال على القوة البشرية دون الله وهمٌ وغرور.
إسقاطات معاصرة:
في عالم اليوم، نرى أهل الباطل يتباهون بأعداد أتباعهم وجماهيرهم، مستندين إلى نفوذ سياسي أو إعلامي واسع. الإعلام المعاصر، بمنصاته الضخمة، يلعب دورًا كبيرًا في دعم الباطل وإظهار زيفه كحقيقة، مستخدمًا ملايين الأتباع الذين يعيدون نشر الرسائل والأكاذيب، تمامًا كما كان أبناء الوليد يشهدون مجالسه، معطين له مزيدًا من الهيبة والسطوة.
الدول الكبرى تستعرض قوتها من خلال حلفائها، وجيوشها الممتدة، وأذرعها الإعلامية التي تضلل الناس وتهاجم الحق وأهله. كل هذا يُذكرنا بحقيقة أن الكثرة العددية، وإن بدت قوية، فهي لا تملك شيئًا أمام قوة الله وإرادته. أهل الحق يجب أن يدركوا أنّ ثباتهم على الحق، ولو كانوا قلة، هو أعظم من جموع الباطل الكثيرة.
فليست العبرة بكثرة الأتباع أو شدة الإعلام، بل العبرة بثبات الحق وصمود أهله أمام زيف الباطل.
Comments
Post a Comment