فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ (14): المال والسلطة كأدوات للباطل
قال الله تعالى: {وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا}
أي أن الله سبحانه وتعالى بسط للوليد بن المغيرة أسباب العيش، ووسع له في الدنيا، وجعل له سعة في الرزق، ومكانة رفيعة بين قومه. فقد كان من أثرى قريش وأكثرهم نفوذًا، لكنه استعمل هذه النعم في محاربة الحق بدلاً من شكرها.
لطائف التفسير وإعداد الداعية:
- }وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا}: أي أن الله بسط له الدنيا، وسهل له سبل الرفاهية والقوة، لكنه لم ينتفع بها في طريق الهداية.
- هذه الآية تذكر الدعاة بأن امتلاك المال والسلطة ليس علامة على رضا الله، بل قد يكون استدراجًا وابتلاءً.
- فيها تحذير من الركون إلى الترف والانشغال بزخرف الدنيا عن الغاية الأسمى، وهي نصرة الحق والدعوة إليه.
إسقاطات معاصرة:
في زماننا، نرى كيف تُستخدم الثروات الهائلة والنفوذ السياسي لتكريس الباطل وحرب الحق. الدول الكبرى والشركات العملاقة تمهد لأهل الفساد طرق السيطرة، وتُسخِّر مواردها الإعلامية والمالية والسياسية لإضعاف أهل الإسلام ومحاصرتهم.
مثال ذلك، الدول الغربية التي تدعم الأنظمة المستبدة وتُهيئ لها وسائل السيطرة، أو اللوبيات المالية التي تحرك الإعلام لصياغة الروايات الكاذبة وتشويه الحقائق. هذه الجهات تُمهد للباطل تمامًا كما مُهِّد للوليد بن المغيرة، ولكن العاقبة ستكون كما أخبرنا الله: زوال هذه القوة وانكشاف زيفها.
الداعية اليوم يجب أن يدرك أن كثرة المال والنفوذ لا تعني القوة الحقيقية، فالحق ينتصر بالثبات والإخلاص، لا بالأموال والمناصب.
Comments
Post a Comment