فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ (15): طمع أهل الباطل وعدم قناعتهم
قال الله تعالى: {ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ}
أي أن الوليد بن المغيرة، رغم ما أُعطي من النعم والثروة والجاه، لم يكتفِ، بل ظل يطمع في المزيد، ويظن أن هذا العطاء لن ينقطع عنه أبدًا، متوهمًا أنه يستحق أكثر مما لديه.
لطائف التفسير وإعداد الداعية:
- {ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ}: فيها إشارة إلى طبيعة النفس البشرية إذا لم تُزكَّ، حيث لا تشبع من الدنيا ولا ترضى بما أوتيت.
- تعلم الدعاة أن الباطل مهما مُنح من القوة والنفوذ فإنه يظل غير راضٍ، ويستمر في طلب المزيد حتى يُهلك نفسه.
- فيها تحذير للداعية من الوقوع في فخ الطمع، وأن يجعل قلبه متعلقًا بالله لا بزخارف الدنيا.
إسقاطات معاصرة:
في عالم اليوم، نجد أصحاب النفوذ والسلطة، رغم ما لديهم من سيطرة على الاقتصاد والسياسة والإعلام، لا يتوقفون عن التوسع وطلب المزيد. الدول الكبرى، كأمريكا والقوى الاستعمارية، لم تكتفِ بما نهبته من ثروات الشعوب، بل لا تزال تطمع في السيطرة على المزيد من مقدرات الأمم الإسلامية، وتسعى لإخضاعها عبر الهيمنة السياسية والاقتصادية.
كما نرى في رجال الأعمال المحتكرين للأسواق، لا يشبعون مهما بلغت ثرواتهم، وفي السياسيين الذين يسيطرون على الحكم، لا يكتفون بسلطانهم بل يريدون تمديد فترات حكمهم والتوسع في نفوذهم. هذه هي طبيعة الباطل، لا قناعة له، ويستمر في الجشع حتى ينقلب على نفسه.
أما الداعية، فعليه أن يدرك أنّ العزة ليست في كثرة المال والجاه، وإنما في القناعة والثبات على الحق، وألا يُفتن ببريق الدنيا الزائل.
Comments
Post a Comment