فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ (16): استكبار أهل الباطل ونفورهم من الحق
قال الله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا}
أي أن الوليد بن المغيرة لم يكن مجرد كافر جاحد، بل كان معاندًا للحق، رافضًا للآيات رغم وضوحها، يحاربها بكل ما أوتي من قوة، لا لشكٍّ فيها، بل عنادًا واستكبارًا.
لطائف التفسير وإعداد الداعية:
- {كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا}: العناد هنا يعني الإصرار على رفض الحق رغم قيام الحجة.
- هذه الآية توضح أن من أخطر صفات أهل الباطل رفضهم الاعتراف بالحق حتى بعد وضوحه لهم، فهم لا يكذبون به لعدم اقتناع، ولكن استكبارًا وخوفًا على مناصبهم ونفوذهم.
- فيها تحذير للدعاة من أن يظنوا أن كل من يعارضهم يفعل ذلك عن جهل فقط، بل بعضهم يعرف الحق لكنه يعانده لمصالحه الشخصية.
إسقاطات معاصرة:
نرى اليوم كيف أن القوى الكبرى وأدواتها الإعلامية والسياسية تحارب الإسلام وتشوّه تعاليمه رغم وضوحها. إنهم لا يفعلون ذلك لأنهم لا يعرفون الحق، بل لأنهم يعاندونه كما فعل الوليد بن المغيرة. الإعلام الغربي، مثلًا، يعرف أن الإسلام دين سلام وعدل، لكنه يصر على تشويهه لأنه يشكل تهديدًا لنفوذهم القائم على الهيمنة والظلم.
كما أن كثيرًا من الأنظمة الديكتاتورية في العالم الإسلامي تعادي الإسلام والدعاة ليس لجهلها بحقيقة الدين، ولكن لأنها تدرك أن انتشار الإسلام الصحيح يعني زوال أنظمتها المستبدة. فهم يعرفون الحق، لكنهم يرفضونه عنادًا وحفاظًا على مصالحهم.
على الداعية أن يدرك أن العناد صفة قديمة في أهل الباطل، ولا يجب أن يصيبه الإحباط عند رؤية هذا العداء، فهذه سنة الله في الصراع بين الحق والباطل، والعاقبة للمتقين.
Comments
Post a Comment