فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ (17): التكبر على الحق وعواقبه

 

سلسلة فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ

قال الله تعالى: {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا}

هذه الآية تهديد من الله سبحانه وتعالى للوليد بن المغيرة ولكل من يسلك طريق العناد والاستكبار عن الحق. فقد عاند الوليد رغم معرفته بصدق رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء الوعيد بأنه سيُرهق بصعود شاق، وهو كناية عن العذاب الشديد الذي لا راحة فيه.


لطائف التفسير وإعداد الداعية:

  • {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا}: كلمة "أرهقه" تعني أوقعه في مشقة عظيمة، وقيل: "الصعود" جبل في جهنم يُكلف الكافر أن يصعده لكنه لا يستطيع.
  • العناد والاستكبار يؤديان بصاحبهما إلى العذاب الدنيوي والأخروي، فالله لا يترك المعاندين بلا حساب.
  • الداعية قد يواجه من يعاند دعوته، وعليه ألا يُحبط، فالعاقبة للمتقين، ومن يعاند الحق سيلاقي جزاءه ولو بعد حين.


إسقاطات معاصرة:

نرى اليوم أن أكثر الناس تكبرًا على الإسلام هم الذين في أيديهم السلطة والثروة، تمامًا كما كان حال الوليد بن المغيرة. هؤلاء يظنون أن قوتهم ستحميهم، لكن سنة الله ماضية، والعاقبة للمتقين.

الطغاة الذين يحاربون الإسلام ويمنعون وصول نوره إلى الناس يعيشون في قلق دائم، فهم في صعودٍ شاق، تلاحقهم مخاوف السقوط والانهيار. فكما انهارت إمبراطوريات الظلم عبر التاريخ، فإن كل من يحارب الحق سيلاقي نفس المصير، مهما بدا قوياً في لحظته الحالية.


هذه الآية تذكير لكل داعية أنّ أهل الباطل قد يظهرون في لحظة ما وكأنّهم يُسيطرون، لكنّ مصيرهم في النهاية إلى السقوط والعذاب. فليكن الداعية على يقين بأن دعوته منصورة، وأنّ دوره يقتصر على تأدية مهمته في إيصال الحق، أما النصر فمن عند الله عز وجل.

Comments

Popular posts from this blog

حوار مع فضائي عن فصل الدين عن الدولة (1): صدمة القادم من الفضاء

الإسلام والبيئة (1): رسالة من المستقبل

حوار مع فضائي عن فصل الدين عن الدولة (2): الزنزانة الزرقاء وبداية الرحلة عبر تاريخ الإسلام