فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ (19): أكاذيب أهل الباطل في مواجهة الحق
قال الله تعالى:
{ثُمَّ نَظَرَ ﴿21﴾ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ﴿22﴾ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ ﴿23﴾ فَقَالَ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ ﴿24﴾ إِنْ هَٰذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ ﴿25﴾}
لطائف التفسير وإعداد الداعية:
- هذه الآيات تصف حالة الوليد بن المغيرة عندما استمع للقرآن ثم بحث عن طريقة يواجهه بها.
- {ثُمَّ نَظَرَ} أي تأمّلَ وفكّرَ كيف يَصرف الناس عن القرآن.
- {ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ} أي قطب وجهه وظهر عليه الضيق والانزعاج، لأنه لم يجد حجة مقنعة.
- {ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ} أي أعرض عن الحق بعدما أيقن أنه ليس من عند البشر، ولكنّه أصر على عناده وكبره.
- {فَقَالَ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ} لجأ إلى اتهام القرآن بأنه مجرد سحر منقول عن السابقين، وهذا أسلوب أهل الباطل عبر التاريخ.
- {إِنْ هَٰذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} آخر وسيلة لديه كانت الادعاء بأن القرآن ليس وحيًا من الله، بل هو كلام بشري.
إسقاطات معاصرة:
ما أشبه الليلة بالبارحة! حينما نقرأ وصف القرآن لتحركات الوليد بن المغيرة وهو يقلب الأمور في رأسه، نكاد نرى مشهده يتكرر أمامنا اليوم ولكن في قاعات المؤتمرات والمكاتب المغلقة حيث يجتمع ساسة الغرب والمستشرقون والمفكرون لوضع خطط محكمة لصرف الناس عن الإسلام. نراهم يدرسون كيف يواجهون المدّ الإسلامي، كيف يشوّهون صورة القرآن، كيف يطعنون في النبي ﷺ، وكيف يضفون على باطلهم هالة من الزيف والخداع ليُلبسوا على الناس دينهم.
تمامًا كما جلس الوليد، متفكرًا، يبحث عن أقوى سلاح لغوي يُبعد به الناس عن الحق، تجتمع لجان ودراسات ومراكز أبحاث اليوم تحت مسميات مثل "الإرهاب الإسلامي" و"الإصلاح الديني" و"الإسلام السياسي"، يختلقون التهم، يضعون المصطلحات، ويروجون للأكاذيب بوسائل حديثة أكثر تأثيرًا. الإعلام العالمي، مراكز الدراسات، مواقع التواصل الاجتماعي، كلها منصات يستخدمونها كما استخدم الوليد منطقه المخادع، ليقولوا للعالم: "هذا القرآن سحر يؤثر".
ولكن، وكما فشل الوليد رغم ذكائه، ستفشل هذه الحملات، لأن نور الحق لا يُطفأ، مهما اجتهد الباطل في حبك خيوطه .
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ﴾ [الأنفال: 36]
هذه الآيات تثبّت الداعية وتجعله يفهم أنّ ما يواجهه اليوم ليس جديدًا، بل هو تكرار لأساليب قديمة، وأنّ النصر يكون لمن يصبر ويثبت على الحق.
Comments
Post a Comment