نهضة بلا إذن (13): التعامل مع الصدمة: من التيه إلى الطريق

 

سلسلة نهضة بلا إذن

الصدمة بعد الاستيقاظ ليست نهاية، بل بداية. ليست عائقًا، بل اختبار. ومن يُرد النهضة دون أن تهزه الحقيقة، لم يفتح عينيه بعد.

لكن السؤال: ماذا بعد الصدمة؟

في لحظات التيه الأولى، يحتاج الإنسان إلى ثلاثة أشياء: بوصلة، رفقة، وخطوة أولى.


1. البوصلة: لا تفقد الاتجاه

حين تكتشف فداحة الواقع، قد تميل إلى الهرب منه باليأس أو الغضب أو التمرد الأعمى. لكن واجبك الآن أن تستعيد بوصلتك. لا تدع الصدمة تُبعدك عن الهدف: نريد نهضة حقيقية، لا انفجارات مؤقتة. نريد حضارة متجذرة، لا هتافات زائلة.

تذكّر: أنت لا تصارع الظلم فقط، بل تُؤسس لبناء جديد، وهذا البناء يحتاج إلى وعي، لا إلى فورة.


2. الرفقة: لا تعبر وحدك

ابحث عمّن استيقظوا قبلك أو معك. هؤلاء هم إخوانك في الطريق، لا في الحُلم. الوعي الجماعي لا يولد فجأة، بل يُبنى من دوائر صغيرة من الفهم والتواصي. تكاتف مع من يشاركونك الهمّ ويعقلون الواقع، وابدأوا ببثّ المعاني، لا فقط المشاعر.

اصنع مجموعتك، حتى وإن كانت ثلاثة فقط، وتحدثوا كل أسبوع عن "ماذا يمكن أن نفعل اليوم؟"


3. الخطوة الأولى: صغيرة… لكنها تُغير

لا تبحث عن إنجاز عظيم لتشعر أنك نافع. ابدأ من بيتك، من محيطك، من لغتك، من تفكيرك. غيّر ما تستطيع، وأنت تَعرف أن صغائر اليوم هي بذور النهضة الكبرى.

لا تستهِن بأن تُغيّر أسلوب نقاشك، أو تُشارك مقالة وعي، أو تَربّي ابنك على التفكير الحر، أو تَفتح حوارًا ناضجًا مع زميل غارق في السطحية. هذه ليست أعمالًا هامشية… بل هي اللبنات التي تُبنى بها أركان الحضارات.


الخلاصة:  

 الصدمة قد تُربكك، نعم. لكن وعيك بها هو أول نَصر لك. 

من الآن، كل فكرةٍ تصححها، وكل خرافةٍ تكسرها، وكل نفسٍ توقظه… هو جزء من المشروع النهضوي الذي وُلدت من أجله.

Comments

Popular posts from this blog

حوار مع فضائي عن فصل الدين عن الدولة (1): صدمة القادم من الفضاء

الإسلام والبيئة (1): رسالة من المستقبل

حوار مع فضائي عن فصل الدين عن الدولة (2): الزنزانة الزرقاء وبداية الرحلة عبر تاريخ الإسلام