نهضة بلا إذن (24): تحطيم الأصنام وتحرير المفاهيم: الطريق نحو النهضة الفكرية
ليست الأصنام دائمًا حجارة تُعبد، بل كثيرًا ما تكون أفكارًا راكدة، ومفاهيم موروثة، ومسلماتٍ مزروعة في الوعي الجمعي تمنع النظر والتجديد. فالوثنية التي حاربها الإسلام في بداياته لم تكن مجرّد طقوس منحرفة، بل كانت تجليًا لجمود فكري قاتل، جعل من الجهل نظامًا، ومن التقليد دينًا.
وقد رأينا أنّ الله وصف الحقبة السابقة للإسلام بالجاهلية، لا لأنّ العرب كانوا خاليين من الأدب واللغة، بل لأنّ هذه الثقافة، رغم بريقها اللفظي، كانت خالية من الفكر الخلّاق، غارقة في الوثن العقلي. والوثن هنا هو كل ما يغلق أبواب التفكير، ويُحيل المفهوم إلى صنم جامد يُمنع المساس به.
في السياق الاستعماري الحديث، لم تكن السيطرة على الأرض وحدها هي الغاية، بل السيطرة على المفاهيم: كيف ترى نفسك، وكيف ترى دينك، وكيف تفهم التاريخ والعالم. لقد تم اختطاف كثير من المفاهيم المركزية في الوعي الإسلامي، وتم إعادة هندستها لتفرغ من مضمونها، أو لتلبس ثوبًا يتماشى مع مشروع الهيمنة.
من هنا، فإن تحطيم الأصنام اليوم لا يكون بالمطارق، بل بالتفكيك المعرفي، وبالتحرير المفاهيمي. نحتاج إلى تحرير "الحرية" من سجن الفوضى، وتحرير "التقدم" من تقليد الغرب، وتحرير "الدين" من كونه طقوسًا باردة إلى كونه قوة محركة للبناء والتغيير.
خطوات عملية لهذا المسار:
- مراجعة المفاهيم الشائعة: لنطرح الأسئلة: ما معنى الإصلاح؟ من هو المتقدم؟ هل الدولة القوية هي التي تُخيف شعبها أم التي تحرره؟ هذه الأسئلة تفتح الباب لهدم الأصنام الصامتة.
-
-
-
-
فمن لم يُحطم صنمه، سيُساق خلفه، ومن لم يُحرر فكرته، ستستعبده فكرة غيره؛
فانهض، وابدأ المعركة الكبرى داخل رأسك، فهناك تصنع الأمم أو تُهزم!
Comments
Post a Comment