نهضة بلا إذن (3): من الضحية إلى الفاعل الحضاري

 

سلسلة نهضة بلا إذن

الضحية تئنّ، تنتظر. أما الفاعل الحضاري فيُعيد رسم ملامح الزمن.

لكن كيف تنتقل أمة من موقع الألم ورد الفعل… إلى موقع البناء والتأثير؟

الجواب لا يبدأ بالثورات، رغم أهميتها، بل بالرؤية.

الأمم لا تنهض لأن عدوها ظلمها، بل لأنها قررت فهم كيف نهض الآخرون، كيف سقطوا، ثم وضعت لنفسها طريقًا تفهمه وتسير فيه.


الفارق الجوهري بين الضحية والفاعل هو:

🔹 الضحية تُطالب بحقها… دون أن تبني أدواتها.
🔹 الفاعل يفهم سنن التغيير، يصنع أدواته، ويزرعها في الوعي الجمعي، ثم ينطلق.

لم تُولد الأمم الكبرى بنبوغ مفاجئ، بل بدأت دائمًا بسؤال بسيط:

ما الخطأ الذي نرتكبه دون أن نشعر؟

ثم واصَلت رحلة طويلة من المراجعة، والتحليل، وتفكيك المسلمات، وإعادة تشكيل الذات.


نحن اليوم – كأمة – نعرف جيدًا من ظلمنا. لكننا لم نُجِد بعد معرفة كيف شاركنا نحن – ولو بسكوتنا – في صناعة هذا الظلم.

وهذا الوعي الذاتي المؤلم، هو أول خطوة من الضحية إلى الفاعل.

وما لم نُعد صياغة مناهج تفكيرنا، وتعريفنا للنجاح، وغاياتنا الكبرى، فستبقى مقاومتنا مشرفة… لكنها محاصرة، وستبقى تضحياتنا عظيمة… لكنها غير مُثمِرة.


💡 ومضة:

حين تكون الأمة ضحية، فهي بحاجة لمن يواسيها.

وحين تتحول إلى فاعل، فهي بحاجة لمن يحرضها على النهوض.


خطوة عملية:

على كل من يرى نفسه جزءًا من مشروع الأمة أن يطرح هذا السؤال على محيطه القريب، في الأسرة أو في لقاء الأصدقاء:

"ما هو أكثر شيء نُكرّره كأمة دون أن نراجع جدواه؟"

ثم يُدوِّن الإجابات، يُفكّر فيها، ويُنتج عنها مقترحًا بسيطًا، حملة توعوية، مقالًا، أو حتى منشورًا واحدًا.

هكذا تبدأ الشعوب في تفكيك آليات العجز المزمن… بصوتها هي، لا بصوت السلطة.

Comments

Popular posts from this blog

حوار مع فضائي عن فصل الدين عن الدولة (1): صدمة القادم من الفضاء

الإسلام والبيئة (1): رسالة من المستقبل

حوار مع فضائي عن فصل الدين عن الدولة (2): الزنزانة الزرقاء وبداية الرحلة عبر تاريخ الإسلام