سلسلة خواطر: لا تستصغر معروفًا — كيف نواجه شعور العجز تجاه أمتنا؟

سلسلة خواطر

 

في زمن تتكالب فيه الفتن وتتوالى فيه الابتلاءات على الأمة الإسلامية، يقف كثير من المسلمين، لا سيما الشباب، أمام مشاهد القتل والدمار في غزة، وغيرها من بلاد المسلمين، وهم يشعرون بثقل السؤال ويتسائلون :هل ما أفعله كافٍ؟

هذا الشعور، وإن كان مرهقًا، إلا أنه في جوهره نعمة. نعم، فأن تحيا القلوب بهذه اليقظة، خيرٌ من أن تموت في الغفلة.

قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه" :لو أن إحدى قدميّ في الجنة ما أمنت مكر الله". فما بالك بغيره؟!

الشعور بالخوف من التقصير ليس دليل ضعف، بل هو محرك نحو العمل، وإشارة على حياة القلب. إنها صيحة توقظ الغافلين، وتدل الحائرين، قال الله تعالى" :فأين تذهبون؟" [التكوير: 26].

لكن من مكر الشيطان أن يُحمّلك ما لا تطيق، ويُصوّر لك أنّ حمل هموم الأمة وحدك هو الطريق إلى رضا الله. فإذا عجزت، أقنعكَ أن لا جدوى مما تفعله، فتركتَ ما بين يديك، وقصّرت في دورك الحقيقي.

والحقيقة؟ أنّ الله لا يُكلّف نفسًا إلا وُسعها.

الله خلقنا مختلفين في القدرات والمواهب والفُرص، ليكمّل بعضنا بعضًا. قال رسول الله ﷺ  : "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز" رواه مسلم.

ابحث عن مجالك، عن دورك الحقيقي، عن الشيء الذي وضعه الله فيك وميّزك به، ثم اجعل هذا وسيلتك لخدمة أمتك.

لا تحقِرنّ من المعروف شيئًا.

لو وقفتَ أمام الله يوم القيامة، وكانت في صحيفتك دمعة صادقة، دعوة في جوف الليل، مقالة تنصر بها مظلومًا، صدقة في يد محتاج، نصيحة لشاب تائه، كلمة تُصلح بها القلوب... كل هذا قد يكون في ميزانك أثقل من دماء كثير من الصامتين.

قال رسول الله ﷺ: "اتقوا النار ولو بشق تمرة" متفق عليه.

وما يدريك؟ ربما سبحان الله نطقتها من قلبك، في لحظة صدق، ترجح بك.

على الأعراف أُناس استوت حسناتهم وسيئاتهم، فهل كانت حسنة واحدة لتغير مصيرهم؟ ربما.

فيا أخي، لا تترك الشعور بالعجز يشلك. واجه العالم بالفعل، لا بالحسرة. كن لبنة في بناء الأمة، لا جدارًا ينوء بالحزن. افعل ما تقدر عليه، واحتسبه عند الله.

واعلم أن الله كتب لكلٍ منا دورًا.. فلا تعجز.

Comments

Popular posts from this blog

حوار مع فضائي عن فصل الدين عن الدولة (1): صدمة القادم من الفضاء

الإسلام والبيئة (1): رسالة من المستقبل

حوار مع فضائي عن فصل الدين عن الدولة (2): الزنزانة الزرقاء وبداية الرحلة عبر تاريخ الإسلام