سلسلة خواطر: إن كنتم صادقين فتهيّؤوا!
بسم الله الرحمن الرحيم
دقَّت طبول الحرب، فهل أنت مستعد؟
قال الله تعالى: "ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة" {التوبة: 46}
بهذه الآية العظيمة، يضعنا الله عز وجل أمام مرآة الصدق. فليس كل من ادّعى الشوق للجهاد، ولا من ذرف الدموع لأجل الأمة، صادقًا في نيته. فالنية الصادقة يظهر أثرها في الإعداد. والسؤال الكبير: هل أعددت؟
نسمع اليوم من يقول: "لو أُذن لنا بالجهاد، لكنت أول من يحمل السلاح." ولكن حين تنظر إلى حاله، تراه مترفًا، بدنه لا يقوى على الصيام، قلبه لا ينهض لصلاة الفجر، نفسه مرتبطة بعادات لا يتخلى عنها، ولسانه لا يصدع بالحق في بيته أو عمله. فكيف لهذا أن يُلبّي النداء؟
إن الله لا يظلم أحدًا، ولكن أكثر الناس لا يعدّون أنفسهم. فمن لم يُعِدَّ نفسه للإيمان، والعبادة، والمجاهدة، فكيف يُنتظر منه أن يكون من جنود الله؟
ابدأ من الآن: فالنفير قد اقترب
قال رسول الله ﷺ: "من لم يغزُ، ولم يحدّث نفسه بالغزو، مات على شُعبة من نفاق" رواه مسلم
النية بداية الطريق، ولكن لا تكفي وحدها. فالنية الصادقة تجرُّ صاحبها إلى العمل، وتُلزمه بالإعداد. وإن لم يكن لك في يدك الآن سيفٌ تحمله، فاجعل لسانك سيفًا، وقلبك محرابًا، وبدنك ميدان تدريب.
نصائح عملية تُعينك على الاستعداد الحقيقي:
1 طهّر نيتك يوميًا:
ردّد في قلبك: "اللهم إن منعتني من الجهاد فلا تحرمني أجره". اجعل كل عبادة لك تدريبًا واستعدادًا ليوم تلقى فيه الله أو تُنادى فيه للنفير.
2 تدرّب على فكاك النفس من الترف:
- قم من فراشك قبل الفجر، ولو بركعتين.
- خفّف من الطعام، ابدأ بصيام الإثنين والخميس.
- قلّل التعلّق بالمألوفات، ولو كانت فنجان قهوة لا تستغني عنه.
قال ﷺ: "استعن بالله ولا تعجز" فمن العجز أن تبقى عبدًا لراحتك.
3 هيئ بدنك:
- امشِ أكثر، مارس الرياضة، تخلَّ عن السمنة.
- الجسد الضعيف لا يصمد في الجبهات، ولا حتى في قاعات التدريب.
قال ﷺ: "المؤمن القوي خيرٌ وأحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير" رواه مسلم
4 درّب لسانك على الصدع بالحق:
- تحدث عن قضايا الأمة بوعي.
- لا تترك الظلم يمرّ بصمت.
- علّم أبناءك وأهل بيتك.
قال ﷺ: "جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم صحيح الألباني ".
5 هيئ بيتك أن يكون خليّة إعداد:
- اجعل من بيتك مدرسة للمقاومة الفكرية والإيمانية.
- املأه بذكر الله، وبالحديث عن قضايا الأمة، وبتحضير جيل لا يعرف الذل.
6 اجتهد في العبادة الخفية:
- اجعل لك وردًا من قيام الليل.
- اقرأ في السيرة والجهاد والرباط.
- تعوّد على الخلوة مع الله.
فالذين ثبّتوا في بدر، وثبتوا في غزوة الخندق، لم يهبطوا من السماء، بل أعدّوا أنفسهم، وزكّوها، وخافوا الله حق الخوف.
لا تستصغر نفسك
يقول الله تعالى: "انفروا خفافًا وثقالًا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله" التوبة: 41
لا تنتظر أن تكون في الوضع المثالي. انفر بما تملك. جاهد بنفسك، أو بمالك، أو بكلمتك، أو بتربيتك لأولادك، أو حتى بدمعتك الصادقة في جوف الليل.
اخشوشنوا، فإن النعمة لا تدوم.
تذكّر أن الذين يُحرّرون الأوطان لا ينامون على الأرائك، ولا يرتبطون بشاشاتهم، ولا تتثاقل أرواحهم إلى الأرض كلما نودي إلى عمل.
في الختام:
إن المعركة طويلة. والعدو لا يُهزم بعاطفة ولا بتنهيدة، وإنما بعقيدة راسخة، وهمّة صادقة، واستعداد دائم.
فإن كنت لا تملك اليوم طريقًا للنفير، فابدأ بإعداد نفسك لذلك اليوم.
قال تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل"، فإن لم يكن لك فرس اليوم، فأعد قلبك، ولسانك، وبدنك. فرباطك يبدأ من بيتك.
اللهم إنك تعلم أن قلوبنا تهفو للجهاد في سبيلك، فانظر إلينا بعين العطف، واكتبنا من الصادقين، واغفر لنا تقصيرنا. واجعلنا ممن إذا دُقّ الطبل، سارعوا، وإذا سُمِع النداء، لبّوا، وإذا ناداهم الإيمان، ما تثاقلوا.
اللهم آمين.
Comments
Post a Comment